كان هناك معتقد فى العصور الوسطى هى ان الجثث تنزف دماً بعد الوفاة للإرشاد عن قاتلها ولذلك كان يتم إحضار الجثة فى المحكمة ويتم وخزها بسكين فإذا نزفت دماً...يتاكد الحضور ان الشخص المتهم هو القاتل ...وان الميت مسرور لهذه العدالة
ولقد ظل هذا الاعتقاد حتى القرن السابع عشر فى اوروبا
كما انتشرت خرافة فى انجلترا خلال العصر الفيكتورى ...حيث اعتقد الناس ان روح الإنسان تنعكس فى مرآته الشخصية ولذلك كانوا يقومون عند وفاته بتغطية المرآة الخاصة به بقطعة من القماش ...حتى لاتعلق روحه ...انتهى هذا الاعتقاد اليوم فى انجلترا ...ولكنهم مازالوا يغطون المرآة ...كرمز للحداد فقط
كلها اعتقادات سادت فى عصور مختلفة حول الموت والروح والفناء او العدم
..ربما يكون الموت هو اول حقيقة يواجهها الإنسان بعد حياة عامرة بالأكاذيب والتجمل ....لقد تاهت الحقائق وسط اكداس من الأوهام
الموت فلسفة زرقاء يفنى فيها كل ما هو مادى ويبقى كل ما هو غير ملموس ...فيعود الجسد الى ما كان عليه قبل ان يعود الى الغيب وتبقى الروح التى هى من امر ربى
الموت هو المحطة الأولى بعد الوصول ...هو الخلاص من العذاب او الرحيل اليه ....هو لحظة فارقة يحدد ابعادها كل ما كان قبلها ليعود كل شىء بعدها ولكن بصورة ليست كالصورة وبهيئة ليست كالهيئة
وللموت الف وجه واصعب موت هو الموت من الداخل ..فاليأس موت ...والعيش بين قضبان سجن الماضى موت ....ولعلنا لم نقابل اموات عادوا للحياة ..فهو بالنسبة لنا مجهول وعالم من الغيب ...والزمن بالنسبة لنا يختلف عن الزمن بالنسبة للموت ...ان الحى يشاهد الميت ...فهل يشاهد الميت من حوله من احياء ...والحى يدرك
ان الموت اسقاط على زمنين
الزمن الاول ...هو زمن ما قبل الموت ....هل استطعت ان اترك اثر كأى مخلوق اخر على سطح الارض اننا لا نهاب الموت وانما نهاب المجهول ...وما فعلناه فى حياتنا وما سوف يحدث لنا هناك .والزمن الثانى هو الموت نفسه..هل كنا على حق ام كنا على باطل .....هل ستكون ارواحنا فى ..نعيم ام ماذا ...هل يشعرون الموتى بالوحدة ام انهم فى سرور ...هذا هو الموت الذى نخافه ونخشاه .
ياسمين الخولى / فى عمق الذات /اطلس للنشر /2019

No comments:
Post a Comment