(الفريند)
ليس هو الصديق
لقد اصبح الأمر طبيعيًا وعاديًا جداً حيث يصحو المواطن
ليتفقد صفحاته على ( الفيس بوك ) او فى ( واتس اب ) ليقرأ الرسائل التى تلقاها
ويبدأ فى أداء الواجب الاجتماعى علامة "لايك " قلب " ضحكة "
للتهانى وعلامة دمعة على بوستات الوفيات , والبعض يزيد ويكتب عزاء أو تهنئة وهى
أمور تتم معًا ويوميًا ...عدد من الأحداث الفرحة ...نجاح ...زواج ....وعلى المواطن
أن يتفاعل مجاملة أو مشاركة حتى يرد له الفريندز "لايكاته ودموعه وقلوبه
واندهاشاته "
الفرق ضخم بين حجم التفاعل على بوست فرح أو وفاة كتبة بعضهم على صفحة "فيس بوك " او فى "واتس اب " وحجم التفاعلات
المباشرة بالاتصال أو الزيارة هناك فرق بين هؤلاء الذين قدموا التعازى على
"فيس بوك " ومن كلفوا أنفسهم تقديم العزاء تليفونيًا ,ومن ذهبوا لتأدية
العزاء أو التهنئة مباشرة ...الفرق كبير وهو نفسه الفرق بين "الصديق "
ومن يمكن أن نسميه "فريند " ...الصديق هو الشخص الطبيعى الذى يرتبط
بعلاقات مباشرة ....بالطبع هناك بين "الفريند " والصديق
...."الفريند " إنسان افتراضى لا تربطه بالاخر غير الصفحات والبوستات
والاليكات ....بينما الصديق هو كائن
من لحم ودم ...تعرفه ويعرفك زميل دراسة أو عمل أو شارع ...صديق العيش والملح
والأيام والليالي ....تختلفان وتتفقان فى الشأن العام والخاص تتفقان فى نوعية
الكتب والافلام والفنون والموسيقى
من هنا يتضح أن الفرق بين الفريند والصديق ...هو نفس
الفرق بين الشعور الحقيقي باللقاء والمناقشات وممارسة شؤون الحياة على المقاهى وفى
الشوارع ....وعليه تختلف المجاملات والعزاءات والتهانى ...فالصديق لايكتفى بلايك
أو الدمعة الافتراضية ....بل يتحرك ليشارك فى الفرح أو الحزن ...أو يتصل تليفونيًا
ليسمع الصوت ويصافح الوجه .....لكن فى ظل التطورات المتسارعة والأنشغالات
المتتابعة ....تتداخل العلاقات الحقيقة بالافتراضية وتسود التهانى الجاهزة
والمحفوظة والمجمدة .....صور جاهزة لرمضان وعيد الميلاد وشم النسيم .....فى البدء
حلت التليفونات مكان الزيارت والرسائل القصيرة محل الاتصالات ...ثم الصور الجاهزة
والفديوهات المتحركة ويتسع نشاط الإنسان الجالس ليمارس حياته الاجتماعية من خلف
شاشته وحيدًا مع وحيدين وحتى فى السياسه أصبحت البوستات مكان النشاط السياسى
وإعلان الموقف يتم بالبوست مع صور وتعبيرات وكوميكسات ساخرة أو حزينة .....صحيح أن
مواقع التواصل هى بالفعل أدوات اتصال وإعلام ....توفر توصيل الأفكار وتفتح باب
المناقشات ...لكنها فى الاصل عوامل مساعدة والاصل هو الممارسة السياسية والمؤتمرات
والمساعى والاستطلاعات الحية وليس مجرد الاكتفاء بالايكات .....فخلال سبعة سنوات
تطورت المشاركة الاجتماعية ...اصبحت اكثر افتراضية ...وحتى هؤلاء الذين كنا
نشاركهم المناقشات والحوارات حول السياسة والمستقبل ....اصبحنا نتعامل معهم كما
نتعامل مع العزاءات والتهانى ...واقصى أمانى السياسي الافتراضى ان يحصل بوسته على
"شيرات ولايكات وقلوب حمراء " وتحول بعض الاصدقاء الى مجرد فريند ومن
خلال كل هؤلاء الأفراد المعزولين كل فى مكانه ,تتكون المواقف وتنتهى ويشعر البعض
بانه أدى ما عليه تمامًا وحتى هؤلاء الذين ليس لهم فى السياسة ...اصبحوا سياسين
"افتراضيين " واحيانًا زعماء ..يملك الواحد منهم الاف الفريندز ومئات
الالاف من الفلورز ...يمارسون حاله "كأنها سياسة ...تكفى أحيانًا لإرضاء
الغرور
السيبرانى ....اضغط هنا / اكرم القصاص / كتاب الهلال
/2020
No comments:
Post a Comment