الالم خير صديق
هناك قصة حقيقية عن فتاة من مونتريال لم تشعر بصداع مطلقًا ....اسنانها لم تؤلمها يومًا ....لم تشعر بمغص فى بطنها او الم فى اى جزء من اجزاء جسدها ...بل انها لم تشعر بحاجتها الى ان " تهرش " جلدها...فهى لاتعرف معنى كلمة الم .....فقد تتعجب عزيزى القارىء ..وتقول يا لها من حياة خالية من المنغصات الجسدية ....لكن اتحب ان تكون مثلها ....فعندما كان عمرها عشرة شهور ظهر بمؤخرة رأسها ورم بسيط وفى المستشفى اجريت لها عملية جراحية صغيرة فلم تصرخ المًا وعندما بلغ عمرها ثلاثة سنوات اصيبت فى كعبها بالتهاب نتيجة تلوث بكتيرى ولم تشعر بشىء ...وفى عمر الخمس سنوات كسرت احدى ذراعيها ولم تشعر بشىء ....ولولا ملاحظة امها تورم ذراع ابنتها ...لبترت يد ابناتها ...فقد ظلت يد الابنة مكسورة لمدة اربعة ايام ...ومن المعروف ان هذا الكسر يسبب المًا مبرحة ولكن الفتاة لم تشعر بشىء ....وفى مرة اخرى كانت فى حجرتها وحيدة فى الشتاء عندما سمعت اطفالاً يلعبون فى الشارع فأتجهت الى النافذه و ركعت بركبتيها على انابيب التدفئة الساخنة لتنظر الى الخارج ولكنها لم تشعر بالسخونة ولم تحس بجلدها ولحمها الذى بدء بالأحتراق .....واكتشف والدها هذه الحروق الخطيرة ...ليركض لإسعافها فى المستشفى بعدها بدأت الاسرة بفحصها كل يوم ....وتعودت هى ان تفحص نفسها بشكل مستمر ...تفحص اسنانها ....تفحص جلدها ....تفحص عظامها ....تفحص جلدها ....تبحث عن ظهور اى جرح جديد ....لذلك اجرى الاطباء بعض التجارب عليها ..... .ان تضع يدها مثلا فى الماء المثلج او ان تلمس النار ....فكانت لا تشعر بشىء ....انها حتى لا تشعر بإرتفاع ضغط الدم......وكانت بالرغم من ذلك وظائفها الحيوية طبيعية ....لذلك اعتبر العلماء ان جهاز الإنذار فى جسدها معطل ...وان جهازها العصبى لا يشعر بالالم وانه معطل فى هذه الجزئية ....لم يجد العلماء تفسيًرا علميًا سوى ان الاحساس عندها معطل بدون معرفة السبب .......وفى احد الايام اصيبت بإعياء ودخلت المستشفى واذا بها لديها التهاب حادا للغاية اذ انه حدث التهاب حاد فى المعدة ...ادى الى تقرحات وافرازات تسربت الى الدم مما ادى اى تلوث بالدم عجز الاطباء عن شفاءه ...واكدوا انه التهاب عادى ...يعالج فى البداية ..اذا شعر المريض بالالم ....ولكن الالتهاب ظل فترة طويلة جدا فى المعدة ...مع استمرارها فى تناول الطعام العادى ...ادى الى استفحال الالتهاب حتى ادى الى تأكل فى المعدة وتسرب الالتهاب الى الدم وتلوثه ...وللعجب شعرت بألم الموت كما وصف الاطباء حياتها فى اللحظات الاخيرة ...وماتت عام 1957 فى عمر التاسعةوالعشرين ....هذه القصة تذكرنا بأن الالم مفيد ....الالم صديق للأنسان فى حياته ....بل ان الالم فى بعض الاحيان لايقدر بثمن ....وما ينطبق على الألم الجسدى ينطبق على الالم النفسى ....لذلك لاتنظر للألم على انه عدو ...بل الالم صديق صادق يعلمك ويخبرك ....تذهب الى الطبيب لتعلم ما يؤلمك ...او انك لاتكرر هذا الموقف مع هؤلاء ...فقد تألمت والالم ينعش الذاكرة ويعلمها ....النار مؤلمة لا تقترب منها ...الشخص المستغل مؤلم لا تصادقه ..... الشخص الكاذب مؤلم... .الالم خير معلم وخير صديق
التفسير العلمى للسعادة والضحك والنوم ...سلسلة ادب العلوم / احمد مستجير الاكاديمية للنشر

No comments:
Post a Comment