لم يكن رجال الشرطة المكلفون بتفتيش المنزل يتوقعون انهم بصدد كشف سر يفوق الوصف فى غرابته باقصى خيالاتهم ... دخلوا وفتحوا باب الغرفة المظلمة ليجدوا الفتاة جالسة منزويه تنظر لهم دون ان تنطق بحرف
انها " جينى ويلى"
اصل الحكايه ان والدها كان رجلا قاسيا مختلا قام بحبسها فى احدى غرف المنزل منذ ولدت ولم يسمح بمغادرتها ابدا واصدر اوامره الايكلمها احد على الاطلاق كي لاتصدر اى صوت يزعجه
عاشت جينى وحيدة تماما فى هذة الغرفه ... وحيده اكثر من اللازم دون تليفزيون او راديو او العاب او احساس بجو الاسره او حتى
صحبه بشريه ...عاشت منعزله تماما حتى كبرت واصبحت فتاة فى السادسة عشر والنصف
فى يوم من الايام مرضت الام وضعف بصرها فأرادت الذهاب للمستشفى لتسال عن الخدمات الصحية المتاحه لحالتها قررت خرق القاعدة واصطحبت جينى معها للعالم الخارجى .راها احد العمال وشك فى امر الفتاه فهى تبدو غير طبيعيه
فقد كانت جينى فى السادسة عشر من عمرها ومع ذلك تبدو فى السادسه من عمرها وكانت تصرفاتها حاده وعنيفه.
تم القبض على الوالدين للتحقيق معهما ووجهت لهما اتهامات خطيرة واحيلت القضيه للمحكمه
توافد الصحفيون لاستطلاع جميع التفاصيل ....وفى هدوء سحب الاب مسدسه وقتل نفسه ليسقط صريعا وسط علامات استفهام كثيرة تحيط بمبرراته ودوافعه
تم غلق ملف القضية بانتحار الاب
لكن ملف البحث العلمى ظل مفتوحا على مصراعية، كانت جينى كنز ا ثمينا لعلماء الاعصاب وعلم النفس وخبراء اللغويات
وكان ما وجدوه مثيرا للاهتمام فقد وجدو ان هناك مناطق فى مخها لم تنم بالقدر الكافى بسبب عدم الاستخدام وانها ظلت تعانى من عدم النضج العاطفى وظلت لاتستطيع تعلم الكلام ولاتستطيع تكوين اى علاقه طويلة الامد ولا تفهم معنى التعاون او التشارك
اصبحت جينى الان فى الخمسين من عمرها ولازالت فى دار رعاية لكبار السن وتحسنت حالتها بقدر قليل جدا ولكنها لازالت تتواصل بلغة الاشارة .....حدثت هذة الحالة عام 1970
ومن بعيد تسلط هذة الحاله الضوء على جزء مهم من انسانيتنا
وهو ان الانسان العادى لايولد انسانا عاديا بل يتعلم ويكتسب الكثير من الخبرات كى يستطيع ان يصبح انسانا عاديا
فنحن لانولد مجهزين بجميع المهارات الذهنيه والمعرفيه التى تجعلنا بشرا بالشكل الذى نحن عليه ، كما ان هناك اشخاصا واجهوا ظروف استثنائيه جعلت تطورهم يستمر بشكل يفوق المألوف ليصلوا لمرحلة متقدمه من النضج النفسى تتجاوز .الأنسان العادى الطبيعى بكثير
من كتاب إنسان بعد التحديث للدكتور شريف عرفه اصدار الدار المصريه اللبنانية 2017

No comments:
Post a Comment