لأن الله غيب ...ولأن المستقبل غيب ولأن الأخرة غيب ولأن من يذهب إلى القبر لا يعود ...لذلك راجت بضاعة الإلحاد ..وسادت الأفكار المادية وعبد الناس أنفسهم واستسلموا لشهواتهم وإنكبوا على الدنيا يتقاتلون على منافعها وظن أكثرهم أن ليس وراء الدنيا شيء وليس بعد الحياة شىء ...وتقاتلت الدول الكبرى على ذهب الأرض ...واصبح للكفر نظريات وللمادية فلسفات
وتجد الملحد انسان يحب الجدل وهو يعتقد ان المؤمنون بوجود الله سذج
ولكننا فى حقيقة الامر نجد الملحد عبد لغرائزه التى لاتشبع ....وهوى النفس الذى لا يستقر ....وعبودية المال أذ أن الغنى يضع نفسه فى خدمة أمواله وفى خدمة تكاثرها فيصبح عبدًا لها بعد ان كانت خادمته
ولعلك لا تجد فى حياة الشهوة والإلحاد إلا سلسلة من الشبق والتوترات والجوع والتخمة الخانقة التى لا تمت للسعادة الحقة بصلة ..وهل تكون السعادة الحقه إلا حالة من السلام والسكينة النفسية التحرر الروحى من كافة العبوديات ة
إذا كان كل شىء عبث لماذا عندما يموت من نحب نبكى ولماذا نلتهب شوقاً الى الحق والعدل ولماذا نفتدى هذه القيم بالدم والحياة
ولماذا ياتى الدين دائما بالاجابة الاخيرة والصحيحة على ما يعترض امور الحياة
ومع ذلك تجد الملحد مؤمن بوجود قوة خارقة للطبيعة مسيطرة على جميع الظواهر الطبيعية .....
لماذا اذا يؤمن الملحد بهذة القوة الطبيعية ولا يؤمن بوجود اله .....ام انه فى حقيقة الامر لا يريد ان يخضع لشىئ فقط ومن الغريب ايضا انك تجد الملحد اذا اشتدد به الم او وقع فى مصيبة قاسية يناجى الله ان ينجوا .....
وإذا اخذنا من العلم دليل على وجود الله ...من أصغر الذرات حتى أكبر المجرات تجد هناك قوانين تهيمن على كل شىء ...حتى الإلكترون المتناهى فى الصغر لا يستطيع ان ينتقل من فلك الى فلك فى الذرة الا اذا اعطى واخذ مقدارا من الطاقة يساوى حركته
وكما يقول اهل الفلسفة ان الظمأ يدل على العطش والجوع يدل على الطعام ...والمخلوقات تدل على الخالق ......فطرة الله ..فى خلقه التى يفهمها كل المخلوقات دون علم
لماذا اذا اغلب العلماء مؤمنون بوجود الله
راى العلماء أن النجوم تجرى فى أفلاكها بقانون ...والحشرات بينها حياة اجتماعية ...والنباتات ترى وتسمع وتحس ...والحيوانات لها أخلاق والمخ البشرى عجيبة من عجائب الخلق اذ يتالف من عشرة الاف مليون خط عصبى تعمل كلها فى وقت واحد فى كمال معجز ولوحدث عطل عصبى صغير ترى من الامراض ما لاحصر لها
والجمال الموجود حولنا رغم قبح افكارنا ..الجمال فى ورقة الشجر وفى ريشة الطاوس وجناح الفراشة وموسيقى الحياة من صوت زقزقة العصافير وغناء الطيور وخرير المياة
ان كل شىء يصرخ ويقول خلقنى مدبر ...مبدع ...قدير ... فوق قدرة عقلك البشرى يا انسان
لذلك تجد ان جوهر عقل الملحد انه يريد ان يرى الله ويتحدث معه ....لذلك مهما حاولت اقناعه لايريد الا ان يرى الله جهرًا ....ونسى ان جوهر الايمان هو ان لا تراة ومع ذلك نؤمن به لاننا فى الدنيا واختبارتها المختلفة ....واذا كان الله ظاهرا للرؤية لما كنا فى حاجة الى
الدنيا والصواب والعقاب
من كتاب حوار مع صديقى الملحد / مصطفى محمود / دار اخبار اليوم /2001

No comments:
Post a Comment