Monday, September 9, 2019

لغز فى شخصية المواطن المصرى

شهدت مصر فى السبعينيات ظاهرة استوقفت نظر المسئولين والمهتمين بالعلوم الاجتماعية على حد سواء . وتمثلت تلك الظاهرة فيما اطلقت عليها السلطات تعبير (الأحداث المؤسفة ) وهى أحداث تشتعل فجأة أثر شرارة سلوكية صغيرة ، وما كان يستوقف النظر  بشكل خاص فى تلك الظاهرة أن كافة المشاركين فى تلك الاحداث المؤسفة "لم تثبت التحقيقات  انضمام اى منهم لتنظيمات سياسية أو عصابات إجرامية انهم مواطنون عاديون مسالمون" ، ولكن ما أن يشهدو شرارة العنف هذه - حتى ولو لم تمسسهم - إلا ويندفعون للمشاركة فى ممارسة ذلك العنف الموجه الى رموز السلطة 
لذلك فى عام 1974 قام المركز القومى للبحوث الاجتماعية بالتعاون مع وزارة الداخلية بدراسة تهدف إلى تحليل ظاهرة العنف والشغب التى تحدث من وقت لاخر ثم تم الاتفاق على العمل معاً فى انتقاء الحوادث الواقعية ثم يكتب كل عضو تقريراً منفصلاً
وعلية قام السادة ممثلوا الجانب الشرطى فى هيئة البحوث بتزويد اللجنة بأشد انواع القضايا عنفاً وتمثلت تلك القضايا فيمايلى (قضية سمنود - قضية السيدة زينب - قضية الجيزة - قضية العتبة - قضية بلبيس )
وكان الخيط المشترك  بين هذه القضايا هو الاعتداء على موظفين اثناء تأدية عملهم والاعتداء على افراد شرطة اثناء عملهم ايضاً 
او التعاطف مع احد المواطنين بدون أى فهم والقيام بضرب الطرف الاخر الذى استعان بالشرطة لنيل حقه ...الخ 
وخلصت النتائج لما يلى 
اولا: الفقراء والعنف ، ان كافة من شاركوا فى أحداث العنف فى المدينة كانوا أقرب الى الفئات الفقيرة من العمال والحرفيين والطلاب وكذلك الحال لإحداث العنف التى خضعت للتحليل فى الريف كان كافة المشاركين فيها من فقراء الريف 
مما اثبت ان عنف الفقراء مختلف عن عنف الاغنياء وكانت النتيجة واضحة فى هذه النقطة هو ان العنف الموجه للسلطة هو عنف اختناق مالى 
ثانيا : الشباب 
كان غالبية المشاركين فى احداث العنف  من الشباب ، فإذا كان الفقراء هم بدورهم الأكثر إحساسا بالحرمان النسبى فى المجتمعات النامية فإن فقراء الشباب  هم بدورهم الأكثر إحساسا بالحرمان النسبى 
ثالثا : سيكولوجية الإنكار ، أن كافة من مثلوا امام النيابة او أمام ضابط الشرطة خلال التحقيقات أو امام القضاء اثناء المحاكمة ....جميع المتهمين بكافة أعمارهم - قد قرروا أن القبض عليهم قد تم بمحض الصدفة وأنهم لايعرفون له تفسيرا ، كما أن الغالبية العظمى من الشهود سواء كانوا من المصابين او المتضررين ماديًا قد قرروا انه ليس فى أستطاعتهم التعرف على من مارسوا 
العنف او من المتضررين
وتم استخلاص عدد من المؤشرات فى هذه الد’راسة وهى  
- التشكك الدائم فى نوايا السلطة سواء من رجال الشرطة او حتى من رجال النيابة والنظر للجميع على انهم يضمرون الشر 
- حرص المرء على عدم الوشاية بأحد للسلطة ولو كان معتديا وحتى لو تسبب فى الحاق الضرر بالمرء نفسة فهو لا يثق فى حماية السلطات له وانها سوف تطلقة للمعتدى دون ان يهتز لها جفن 
- الحرص على إيثار السلامة وعدم الدخول فى تعقيدات مع ممثلى السلطة او بعبارة أخرى الحرص على ان تكون العلاقة بممثلى 
السلطة فى اضيق حيز ممكن

كيفية تلافى العنف

خلصت الدراسة لعدد كبير من الحلول ، كان اهمها انه لابد من وجود ثقة بين المواطن والسلطة والا لن ينتهى العنف ولسوف يظهر 
من وفت لأخر



من كتاب / كتابات فى علم النفس السياسي /تأـليف الاستاذ الدكتور قدرى حنفى 
اصدارات معهد البحوث والدراسات التربوية .2014   

No comments:

Post a Comment