الانسان يحتاج الى شىء اعمق من اللذة الجسدية ...يحتاج ان يكون لحياته معنى ....واذا خلت الحياة من المعنى فإن الانسان فى حالة من الضياع ولن تعوضه نعم الدنيا كلها فالبشر عندما تتوافر لديهم كل النعم من مال وصحة وجمال يبدأ الانسان فى ان يسأم النعم ويشعر بالملل واقرب مثال لذلك المطرب (الفس برسيلى ) الفس بريسلى مطرب امريكى (1935-1977) باع (الفس بريسلى) اكثر من 35 مليون اسطوانه كذلك عرف بجمال الوجه وحقق نجاح وشهرة كبيرة وكانت النساء تتهافت عليه ولديه معهم علاقات كثيرة وتزوج امرأه جميلة احبها وانجب منها بنت ... وصحته كانت على يرام . ومازالات قصورة قائمة لليوم .....بإختصار لديه كل شىء ....فهل كان سعيدا الاجابة لا وتحدث اكثر من مرة بذلك
وبدء يشعر بالاكتئاب واصبح مدمن الحبوب المنومة وانتهى به الحال ميتا فى حمام بيته بسبب جرعة حبوب زائدة .....نهاية لا يتمناها احد لنفسه ونهاية غير منطقية نعم لمن لايفهم طبيعة الانسان ....ولكنها منطقية جدا لمن فهم ان الانسان ليس جسدا يبحث عن اللذه فقط .......وهناك فرق كبير بين حياة هدفها الاساسى اللذة وحياة هدفها معنى للمبادئ والتفكر ...الاولى يقودها الجسد الشهوانى والثانية تقودها العقل والروح........
..... يقول فلاسفة الإغريق ان الحيوانات تأكل اكثر من الانسان وتشرب اكثر منه وتمارس اى شيء بحرية وبدون اى كبت ويوجد من الحيونات ما هو اقوى من الانسان
والانسان من اضعف المخلوقات واكثرها مرض على كوكب الأرض ....ظل علماء الفلسفة يقارنون بين حياة الانسان والحيوان وجدوا ان الأنسان لا يتفوق عن جميع الحيونات سوى بالعقل
والعقل يعنى حرية التفكير والقدرة على الاختيار ...العقل الذى يستطيع ان يخطط ويتخيل ويدبر ويستطيع به ان يغير واقعه ويستخدم امكاناته ...اذًا فالسعادة للأنسان تكمن فى هذا العقل وليست فى كثرة الاكل ولا فى كثرة الملذات
فتجد ان سعادة الدنيا فى استخدام هذا العقل والحكمة فى التصرف فى شتى نواحى الحياة فلا عجب من ان تجد امراء وملوك الدول الغربية يربون اولادهم فى بيئة متوسطة خالية من الطرف وقائمة على تحمل المسئولية ....فتجد شخص مثل (بيل جيتس) يعيش عيشة الطبقة المتوسطة دون بذخ ويستثمر امواله فى الاعمال الخيرية ....لانه ادرك ان اللهو والملذات تفسد النفس وتجعلها تمرض بالاكتئاب وكثرة الغضب وسطحية التفكير والانانية وامراض النفس المختلفة .....
فى النهاية ندرك ان تهذيب النفس يأتى بعدم تلبية كل ما تشتهى ....وانما بالإختيار دائما من بين ما هو مناسب ام لا ...بين ماهو حلال وحرام
من كتاب اربعون عام/احمد الشيقرى /دار الشروق /2019

No comments:
Post a Comment