حين نقلب رؤوسنا فى عالم البشر وسلوكياتهم الطيبة والشريرة على السواء فإننا كثيراً ما نصاب بالدهشة والحيرة , فالطالما وجدنا بعضًا ممن يتفق الجميع على سوء اخلاقهم الواضح ،ثم نكتشف ان لهم بعض الأنشطة الخيرية التى قد يمارسونها فى السر ....وفى الوقت نفسه ومن ناحية اخرى فإننا قد نقابل من لاشك فى التزامهم الدينى او الاخلاقى ....ومع ذلك تكتشف ان لهم تصرفات مشينة فى السر لا تليق بما هم عليه
ما السر فى ذلك ....
الاجابة كامنة فى الضمير ولكل الكائنات الحية ضمير تختلف من كائن الى كائن فهى مختلفة فى الطيور عن الحيونات ....الخ والضمير فى الانسان قوة من قوة العقل والتفكير ...وهو فى صراع دائم مع الرغبات المكبوتة المنافية للاخلاق
على ان الامر لا يقف عند هذا الحد ...اذ تجد ايضا النفس محكومة بقوى خارجية
ويختلف تكوين الضمير من شخص لاخر تبعا لظروف طفولته ...ونوع التربية التى تلقاها والمعاملة التى عاناها ...وهو تكوين لاشعورى فى اغلبه اى ان المرء لايشعر به فى الغالب بالرغم مما له من كبير الاثر فى توجيه سلوكه
وقسم علماء النفس ...النفس البشرية الى ثلاثة اقسام
نفس سفلى ...وهى لاشعورية تحوى الغرائز بحالتها الهمجية الوحشية
نفس واقعية ....وهى تحاول ان تهذب النفس السفلى حتى تستطيع ان تتعايش مع المجتمع بدون اهانة او عقاب
نفس عليا (الضمير ) وهى ما يمكن ان نسميها الرقيب ولها قوة محاسبة داخلية لاشعورية فى الغالب
ووظيفة الضمير هو ان يشعرنا بالذنب ...والذنب كأية حالة انفعالية مثل الغضب او الاشمئزاز ويخلق حالة من التوتر داخل الانسان
والانسان فى حالة ارتكابه لجريمة ما يلجأ لا شعوريا الى تبرير ذلك الذنب للضمير لذلك نجد تناقض غريب بين سلوك الشخص وتصرفاته وفى احيانا نجد من ارتكب الجريمة يعترف بشكل واضح وصريح بفعلته وفى هذه الحالة نجد ان التبريرات التي ساقها الى ضميرة لم تجعل ضميره يكف عن جلده فيؤثر ذلك على سلوكه ولا يستريح سوى بالاعتراف
غريب حقا امر المشاعر البشرية وغريب امر النفس فهى قد تحب ما يدمرها وتكره ما هو صالح لها ....ان قيود الاديان والقانون وجدت فى الاساس لمحاربة الشخص الذى استطاع ان يخرس ضميره ....اما من ارتفع بصوت ضميرة فهو لايحتاج القوانين الضابطة فى شيء مهما كثرت التبريرات من حولة ومهما فعل الناس حوله تصرف ما لااخلاقى لايعاقب عليه القانون ولكن تلك البوصلة التى خلقها الله داخله هى دائما ما
ترشده لما يريحه ويريح نفسة

من كتاب سيكولوجية الضمير / محمد كامل النحاس / مكتبة ومطبعة الغد /2019
No comments:
Post a Comment