كثيرا ما يكمن الخطأ فى إنكار إمكانية وقوع الخطأ
....وعقولنا معاشر البشر لا تتعامل مع الأشياء من فراغ ولا تستطيع أن تعالج
المشكلات دون ثقافة ورؤية مفاهيم محددة ....صارت على مر الأيام جزءًا اساسيًا منها
...الخطأ الذى نقع فيه هو تصور وجود إمكانية للقبض على الحقائق الصافية , ورؤية
الأمور رؤية واحدة متطابقة مهما اختلف الناظرون ومهما اختلفت زوايا الرؤية
....وهذا فى الحقيقة ممكن الى حد بعيد فى المسائل الرياضية والفيزيائية .....اما فى
مسائل الحياة من عقيدة واخلاق وتاريخ ...والانسانية عامة ....فإن ادعاء الحياد من
قبل بعض الناس لا يعدو أن يكون وهما من الأوهام ....حيث إننا حين نرى الأشياء نراها
عبر أغشية من ثقافاتنا وعقائدنا وخبراتنا وتربيتنا ...لذلك فإن الاشياء تتلون وفق
لون النظارة التى نضعها على عيوننا ....وهذة النظارة هى خليط من تراثنا وتربيتنا
وعلى سبيل المثال فإن المستعمرين البيض حين ذهبوا الى
افريقية كانوا يعدون عرى النساء هناك قمة التخلف والبدائية والهمجية ...وكانت
النساء الغريبات انذاك يرتدين ملابس تغطى اغلب اجزاء اجسامهن .... وبعد ان تغيرت
الثقافة الغربية ....اصبح عرى المرأة المبالغ فيه مظهر من مظاهر التحرر
....والتمدن
لذلك ادرك الغرب انه لايوجد ما هو ثابت فى القيم ...لذلك
نجد ان التسامح الذى تبديه بعض الدول الغربية تجاه التعددية الثقافية ...هو انه
لايشترط ان يكون الاخر على خطأ فيما يعتقد ...كذلك ما اعتقده ليس صواب على الاطلاق
وهذه النظرية صحيحة تماما وتصلح للمعايشه فى المجتمعات
المتنوعة ...انت حر ما لم تضر
ولا اريد هنا ان اقول ان الحق مبهم فى كل الامور ...فنحن
لا نشك فى ان الجندى الذى يقتحم خطوط العدو تحت وابل من النيران يعد شجاعًا
ومقدامًا ....سواء اكان هذا الجندى من جنودنا او من جنود الأعداء ....ولكننا حتى
فى حكمنا على هذه القضية نكون خاضعين لقيم الانسانية وتقييم الانسان الشجاع فى
اغلب الثقافات
لذلك لا يوجد نظام ثقافى يمكنه ان يجعلنا حياديين على نحو
كامل ومطلق ....ووضع الغرب عدة قواعد وقوانيين لتقلل من انحياز الاشخاص او الحكم
بشكل يخلو من التحيز ....حتى تجعل الوقوع فى دائرة التحيز قدر المستطاع ....كما
يجعلنا نتسامح مع المخالفين فى امور هى من قبل الخصوصيات الثقافية او الدينية ....والنهاية
ذلك يجعلنا على قدر كبير من العدل والحيادية ....قدر كبير وليس كامل
من كتاب خطوة نحو التفكير القويم / عبد الكريم بكار /
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع /2019

No comments:
Post a Comment