يقول إحسان عبد القدوس ...ولدت لأبى الاستاذ محمد عبد القدوس وامى السيدة فاطمة اليوسف التى عرفت بأسم "روزاليوسف " وكلاهما فنان ...درس ابى الهندسة وبدأ العمل موظفا فى الحكومة كناظر مدرسة الاقصر الصناعية ثم ترك الحكومة وتفرغ للفن ...فكتب المسرحيات والشعر والزجل ..وكان يلقى مونولوجات يضع كلماتها وألحانها ....وأمى بدأت ممثلة تعيش وسط المسرح منذ كانت فى العاشرة والتقت بابى عام 1916 وانجبانى فى اول يناير 1919ولكنهما انفصلا لأختلاف نزعتهما الفنية ...واخذنى ابى منذ ولدت وتركنى لجدى الشيخ احمد ...وكان جدى من خريجى الأزهر ومن رجال القضاء الشرعى وكان متحفظًا الى حد التزمت فى كل ما يفرضه الإسلام ورغم ذلك فكان متميزًا بتقدير الفن وكان يتردد عليه كأصدقاء كبار المطربين والفنانين ...وفى بيت جدى كانت الام التى ترعانى هى عمتى السيدة نعمات ..وإن كان لم يحرموا أمى منى رغم عدم رضائهم عنها لأنها إمرأة متحررة ..وقد اثر على إختلاف المجتمعين اللذين اعيشهما تأثيراً اساسياً فى تكوين شخصيتى وعقليتى ........مجتمع جدى المحافظ المتزمت ومجتمع امى المتحرر المنطلق
وكنت منذ طفولتى ارفض التقاليد الاجتماعية لإن التقاليد إيامها تظلم أمى ...ولكن احدد تصرفاتى الاجتماعية بعد تفكير وعلى مسؤليتى الخاصة
وفى عام 1925 اصدرت والدتى مجلة "روزاليوسف "واصبحت والدتى لا تريد ان انمو مقلداً لابى واكون اديب ...ولكنها تريد ان اتفرغ للصحافة حتى اكبر واتحمل مسؤلية مجلة "روزاليوسف " ..حتى انها بعد ان كبرت قليلاً كانت ترفض ان تنشر لى اى عمل ادبى ....وهكذا وجدت نفسى اديباً وصحفياً دون تعمد ....اديب لابى وصحفياً لامى ...فن واحد لم ارثه من ابى او امى وهو فن التمثيل ...وبدأت من صغرى اهتم بالدراسات السياسية وكنت اشترك اشتراكاً فعالاً فى كل الثورات والمظاهرات السياسية منذ كنت طالباً فى المدرسة الثانوية ...وبعد ان التحقت بكلية الحقوق بالجامعة تفرغت تفرغاً تاماً للدراسة ولم اكتفى بدراسة القانون بل اننى درست كل الادب العالمى وكل التاريخ العربى والعالمى وكل المذاهب السياسية وهو ما أفادنى كثيراً فى تكوين نفسى ككاتب
وقد اشتغلت بالمحاماة بعد تخرجى فى كلية الحقوق ....ولكن كنت فى الواقع متفرغاً للصحافة ...ثم كون اننى ابن صاحبة مجلة " روز اليوسف "فقد تميزت بالحرية الكاملة فى كل ما أكتب وانشر
من مذكرات الكاتب الكبير أحسان عبد القدوس


No comments:
Post a Comment