كثيرة هى الاقوال المأثورة التى تحفل بها كتب الفكر والأدب وهى تجسد مأساة
الفقراء فى عالمنا فقد قال على بن ابى طالب ( الفقر فى الوطن غربة " وقول
كونفشيوس "الفقر عار " وقوا ألبير كامو " لم اتعلم الحرية من الكتب
وإنما تعلمتها من الفقر وقول المهاتما غاندى "الفقر جريمة "
إن اخر الإحصائيات العالمية تشير الى اعداد الفقراء( اى لا يستطيعون توفير
احتياجاتهم الأساسية من الغذاء) يبلغ عددهم ثلثى مليار شخص بنسبة 10 % من عدد سكان
الكرة الأرضية ويعشون فى نحو 70 دولة اى ثلث دول العالم ، ولقد صنف العلماء الفقر
الى انواع (فقر مدقع – فقر مطلق – فقر الدخل ) لذلك لايقتصر وجود الفقر على الدول
الفقيرة فقط وإنما يوجد فى العديد من الدول المتقدمة اقتصاديًا والامثلة عديدة
فأمريكا لاتخلو من الفقراء كالدول الأوربية ،غير ان المثال الصارخ جدًا هو الهند
التى لايمكن ان تصنف دولة فقيرة بعد التقدم الذى احرزته فى التنمية ومحافظتها على
تحقيق معدل نمو اقتصادى مرتفع ،بل وتصدرها دول العالم قاطبة فى مجال تكنولوجيا
البرمجيات ،فهى رغم ذلك كله تتصدر دول العالم كلها فى اعداد الفقراء ...حيث يوجد
بها نحو 350 مليون فقير
والملفت ان الفقر لايزال منتشرًا فى العالم بهذا الشكل المثير للاستفزاز
رغم تعهدات قادة العالم والتى كان اخرها تعهداتهم فى قمة الالفية بتخفيض اعداد
الفقراء فقرًا مدقعًا الى النصف عام 2030
أسباب الفقر
واسباب الفقر عديدة ومتشعبة منها اسباب اقتصادية مثل سوء الأوضاع
الاقتصادية بشكل عام وتراجع او انخفاض معدلات النمو الاقتصادى وندرة او قلة فرص
العمل المتوفرة واسباب اجتماعية مثل شيوع الظلم الاجتماعى والتفاوت الاجتماعى
الشديد وضعف اليات التكافل الاجتماعى واحتكار الاغنياء لمصادر الثروة والتجارة
وسوء توزيع الدخل القومى واحتكار قلة من السكان النسبة الاكبر من هذا الدخل
،واسباب سياسية اختلطت بالاقتصاد من خلال الشركات العملاقة متعددة الجنسيات ونظام
تجارة عالمى منحاز لصالح الدول الغنية ضد الدول النامية والحروب .....وهكذا اذا
كان جوهر الفقر هو الحرمان والعوز فإن جوهر اسبابه هو الظلم وافتقار العدل داخل
الدولة الواحدة
ولابد ان تدرك الدول ان مساعدتنا للفقراء مساعدة لانفسنا واهتمامنا
بإنقاذهم من فقرهم إنقاذ لأنفسنا ....فالفقر يهدد بأخطار اضطراب المجتمع وفقدان
الاستقرار السياسي والاجتماعى وانتشار صناعة الكراهية التى تمزق نسيجه وتباعد بين
افراده وفئاته وطبقاته فلا سلام فى المجتمع اى مجتمع فى ظل اتساع الفقر فيه ولا
استقرار لوطن يتزايد فيه من لايقدرون على توفير الحد الأدنى لهم من الغذاء والكساء
.
الفقراء وعاصفة كورونا / عبد القادر شهيب /دار الهلال /2020

No comments:
Post a Comment