نحن من نصنع الهالة المقدسة

 

نحن من نصنع الهالة المقدسة بإسرافنا فى رسم صورة مثالية غير حقيقية عن الاخر ،فنراه وكأنه بطل ،أو قدوة ، او نموذج لا يخطئ  أبدًا ، وما إن يرتكب هذا الشخص اى خطأ إنسانى.. من اى نوع حتى نتهمه بأنه كان يرتدى قناعًا زائفًا ،وفى هذه اللحظة نبدأ فى تجريده من كل صفاته الحسنة والنبيلة ونسلط عليه المجهر حتى نرى عيوبه بوضوح

الهالة المقدسة تخدعنا وتخدع صاحبها ...فهى طاقة خارجية قوية ترسل إشارات إيجابية عن الشخص ،فنأخذ منها واحدة ونضخمها لنصدقها ، فتبدو وكأنها هى الحقيقة ،وكثيرًا ما نغلفها بقصص واحداث ضخمة .....مشكلة  الهالة المقدسة أنها صورة خارجية لامعة لصندوق اسود مغلق ، ولاندرى ما فى داخله ، واحيانا نخاف ان نكتشفها خوفا من ذهاب هذه الهالة ....والكثير من الهالات المقدسة التى قد نصنعها للاخرين تسقط بمجرد مقابلتنا لهؤلاء واسترسالنا معهم فى الحديث ،لاننا حينها قد نكشف اشخاصًا اخرين  اقل بكثير من الهالة التى رسمناها لهم كما  اننا فى احيان اخرى  نقابل العديد من البسطاء جدا ومع ذلك باقترابنا منهم نجدهم اكبر بكثير من الهالة التى رسمناها لهم.. الحقيقة اننا من نصنع تلك الهالة المقدسة ....نحن نصنع القدسية على من لاقداسة له ...ولكى لانقع ضحية للهالة المقدسة لاى انسان ...اجعل فى اعتبارك اننا بشر نصيب ونخطىئ  فلا تسرف فى توقعاتك تجاه من تصنع له هالة مقدسة ....وتذكر دائمًا أن قطرة الماء تبدو نقية شفافة كابلورة  فاذا ما كبرتها العدسات ظهرت فيها الاف الشوائب ...ويظل القمر جميلا صافيا ما دام بعيدا فاذا ما اقتربت بدا لك كشاطئ قذر مهجور ....ان المجتمع الناجح هو المجتمع الإنسانى المتزن الذى لايصنع الهة يعبدها ..ومع ذلك لايسفه من قدر اى انسان فلا إقصاء لاحد و لا تميز لاحد على احد الابما يقدمه ويساهم فيه ، والكل معرض للخطأ الانسانى والنسيان والنقد والمخالفة ...وليس هناك عصمة لاحد بعد الانبياء والرسل ولو كان أعلم اهل الارض

زائفون / مصطفى عاطف / مكتبة زهراء الشرق