العصر " الميكروباصى "
فى البدء كان الميكروباص انسانيًا وكانت عجلة قيادته بيد
جماعة من المصريين لهم ما للمصريين ،وعليهم ما على المصريين وظل الامر هكذا زمنًا
طويلاً ...ثم تغير واصبح دولة والقادة مجموعة من الرجال ما بين شباب من 15 الى 30
سنة وسن المعاش ...واصبح بينهم لهجة غريبة وطريقة غريبة فى نطق اللغة ...وخصوصًا (التباع) فهو يمط الكلام بطريقة غريبة جدًا ...ليس مثل البائع فى السوق ...ولكن
بطريقة فريدة من نوعها اسمها طريقة سائق الميكروباص ...وله طريقة نظر للمارة لا
تدرى هل يتحدث اليك ام يبصق عيك ام يعزم عليك وهو بنظرة واحدة يعرف ماء الزبون
....يشتبك مع الركاب فى مناقشات ساخنة وقد
يقول كلامًا موزون بالذهب .
والميكروباص مدينة كاملة متنوعة فهو يمثل جموع الشعب
وممكن وصفهم بإختصار
1- الذاهلون : هم الاغلبية المكتسحة ،فبين كل 14 راكبًا
هناك على الاقل 8 ركاب من النوع الذاهل ...الموظفون والموظفات وربات البيوت ...هم
قوم لم يروا من كل الدنيا الاقفاها ...طحنتهم معارك الحياة ولقمة العيش ...كفوا عن
الدهشة منذ زمن بعيد ...خاصموا التفاعل مع اى شىء ..فالذاهل فكر كثيرا حتى تعب ثم
اكتفى وتحول الى ما هو عليه ...الذاهل لايجادل فى اى شىء ..الا اذا سأت الاحوال
الاقتصادية ...يتحدث عن الغلاء ...ثم يعود بسرعة الى ذهولة ويصمت ...ويفكر فى اللاشىء
2- العاديون : وهم اقل عددًا من الذاهلين....يقضون عدة
سنوات عاديون ثم يتحولون الى الذاهلين
3- المناكفون : عددهم قليل جدًا ولكن صحتهم جيدة فلديهم
القدرة على الجدال مع باقى الركاب ومع السائق ويقلبون حال الميكروباص فى لحظة
4- المختلون : اغلبهم من النساء " اعتذر عن ذلك
ولكنها حقيقة " وهم بأختصار يشعرون
انهم مميزون عن الاخرين ، لذلك سيكون يومك اسود لو تمايل جسدك بفعل مطب خفيف ولمس
كتفك طرف ثوبها ...يكفى انها تصيح وتشعرك انك حاولت هتك عرضها
5- الموباييلون : وهم عدة انواع منهم الحرفى الذى يبدء
المحادثة بسب الطرف الاخر او سب العمل او سب الزجاج ..المهم ان بداية الحديث هى
السب وهذا النوع يتكلم بصوت مرتفع ،،،،ونوع اخر من الموباييلون وهذا النوع لايرفع
عينه عن الموبيل ...يشاهد مقطع فيديو ...يلعب اى جيم ...منسجم داخل مواقع التواصل
الاجتماعى....الخ
6- الفضائحيون : وهؤلاء مبدئهم " لن نتقابل ثانية
...سأتكلم بحرية " هذه تشكى زوجة ابنها ومدى اصرافها ...وهذا يحكى عن ابنه
الطائش الذى تشاجر مع الجيران ....الخ
اذا كنت مغترب وركبت فى الخارج اى وسيلة موصلات جماعية ستندهش اذا كان قائد السيارة مصرى واحد الركاب مصرى ايضًا ...ستجد كيمياء الوطن فعلت مفعولها ...ان الميكروباص حالة مصرية فريدة وغريبة من نوعها ...ميزت الشعب المصرى عن غيره من الشعوب
فيصل ...تحرير
ايام الديسك والميكروباص / حمدى عبد الرحيم / دار الشروف /2020

No comments:
Post a Comment