Sunday, September 8, 2019

ما بعد الصدمة

كان مصطفى طفلا مقبلًا على الحياة ...يحب الجرى والإنطلاق واللعب فى كل مكان كان يحب كرة القدم لدرجة انه إنضم لمدرسة الناشئين فى نادى الزمالك ....كان ذلك قبل الحادث بثلاثة شهور 
حين عاد من المدرسة ، كان عليه ان يعبر قضبان القطار كالمعتاد كى يصل لبيته . وفى مزلاقان ناهيا بحى بولاق الدكرور بالجيزة تعثر مصطفى  وجاء القطار مسرعا  ،وراى مصطفى العجلات الحديدية وهى تبتر ساقيه امام عينه 
لم تعد الحياة كما كانت 
اشترى له والده عربه بدائيه ببدالات اماميه يحركها بيديه ، كى يستطيع الانتقال من مكان لأخر ، كان أكثر ما يؤلمه هو نظرة الشفقة 
وأن الناس كانوا يظنونه شحاذ ويحاولون اعطائه النقود . لذلك اصبح حريصًا جدًا على انتقاء ثياب انيقة تنفى هذه النظرة . كما قرر ان يتطلع اليه الناس كشخص متفوق .
رغم تحطم حلمه فى ان يكون لاعب كرة ، مارس مصطفى رياضة أخرى هى السباحة وانتظم فى التدريب عليها وقرر ان يحترفيها الى ان دخل بها التاريخ 
انه مصطفى خليل الذى عبر بحر المانش ثلاث مرات منهم مرة عكس التيار ، وحصد الكثير من المداليات والكؤوس فى كثير من البطولات حول العالم واصبح اسما عالميًا مرموقًا فى هذا المجال . ويفخر دائمًا انه حقق ذلك وحده دون أن يقبل إحسانًا او عطايا من احد من اى نوع . حتى الهدايا التى كان يمنحها أثرياء العالم لبعض المشاهير كان يرفضها .
لو تاملنا الحكاية كما يرويها بنفسه فى البرامج التلفزيونية  سنلاحظ بوضوح ان الصدمة ( بتر ساقه ) تبدو من الامور التى اشعلت فيه الدافع ليكون بطلا عالميا. لولاها ربما لم يكن ليفكر فى السباحة 

   هذا ما يجعلنا واقعيين ، علينا الاعتراف بأن الصورة ليست دائما مشرقة 
لذلك يعرف أطباء النفس جيدا ان الصدمات النفسية الشديدة قد تؤدى الى حالة نفسية تعرف بكرب ما بعد الصدمة .. وهو امر لايستهان به ...لكن هناك ظاهرة اخرى نادرة لاحظها العلماء وهى ظاهرة تعرف بإسم نمو ما بعد الصدمة 
وهى حالة من التحدي تجعل الانسان اقوى من ذى قبل بل ويحدث تطور نفسى سريع

من كتاب انسان بعد التحديث للدكتور شريف عرفه / اصدار الدار المصرية اللبنانية 2017   

No comments:

Post a Comment