Saturday, August 1, 2020

انتبه الى ما انت مقتنع به

خلال خضوعها للمعالجة النفسية فى عام 1988توصلت الصحفية "مريدث مارن " الى حقيقة مفاجئة ....لقد أساء والدها إليها وكان عنيف معها عندما كانت طفلة ...كانت صدمة لها  ذاكرة مقموعة امضت معظم حياتها بعد ان كبرت من غير ان تعرف عنها شيئًا ...لكنها واجهت أباها عندما كانت فى السابعة والثلاثين ....وقالت له انك اعتديت على جسديًا وجنسيًا ......اثار ما قالته "مريدث " ذعر الاسرة كلها ...انكر والدها على الفور انه فعل اى شىء لها ....وقف بعض افراد الاسرة الى جانب "مريدث " بينما وقف النصف الاخر الى جانب الاب ....انقسمت شجرة العائلة الى شقين ...وفى سنة 1996 توصلت "مريديث " الى اكتشاف مفاجىء اخر .....لم يقم والدها بأية اساءة او عنف تجاهها ....لقد اخترع عقلها تلك الذكرى بمساعدة من معالج نفسى حسن النية 
استبد بها الشعور بالذنب ...وامضت طيلة ما بقى من حياتها وحياة ابيها فى محاولة مصالحته ومصالحة بقية افراد الاسرة ..ووصفت حياتها فى كتاب اسمته "كذبتى " 
ولكن ماذا حدث حتى يقتنع عقلها كل هذا الاقتناع 
وكانت الاجابة هى ان العقل البشرى يقوم بملئ بعض الفجوات بأشياء من عندنا حتى نتأكد من ان يكون للحكاية كلها معنى ...وهذا يجعل القصة كاملة مع بعض الاضافات الوهمية 
نحن نفعل هذا كلنا ...انت تفعل هذا وانا افعل هذا ولاعلاقة للأمر بمدى صدقنا او حسن نوايانا ....لأننا فى حالة دائمة من تحليل الاخرين لاى سبب ...ولان ادمغتنا تكمل الناقص بشكل نشط وليس دقيق .....فيصبح الظن حقيقة 
لذلك تصبح قصة "مريدث " الكاذبة حقيقية...فميرديث كانت علاقتها بوالدها صعبة متوترة للغاية خلال الشطر الاكبر من حياتها ...كما اعترفت "مريدث " انها اقامت سلسلة من العلاقات الفاشلة مع الرجال ...وكتبت ابحاث كثيرة عن العنف ضد المرأة ..العنف الجسدى والجنسى ....واثناءابحاثها واجهتها قصص اساءة مخيفة من الاباء ضد البنات الصغيرات 
ان المشكلة الكبرى التى تواجهها ادمغتنا عندما نعالج تجارب حياتنا هى تفسير تلك التجارب على نحو يجعلها منسجمة مع خبراتنا ومعتقادتنا ومشاعرنا ...ويظهر الموضوع بوضوح على الاشخاص الذين كانوا غير راضين عن حياتهم الى جانب الشحنة العاطفية الكبيرة التى ضختها وسائل الإعلام ...حافزًا ....جعلك ضحية تلعن الظروف التى جعلتك ما انت عليه ....فوسائل الاعلام جعلتك فقيرا او فاشلا ...الامر الذى دفعهم الى تلفيق بعض الاحداث القديمة المدفونة فى الذاكرة لتبرير كل ما هو عليه 
حالنا
فن الا مبللاة /مارك واتسون   

No comments:

Post a Comment