Friday, September 4, 2020

نوع مهدد بالإنقراض

الحياة تزداد تعقيدًا بلاشك ....الحياة فى الماضى رغم شقائها إلا انها كانت اسهل ...فقط تخيل جيل السبعينات ومحاولة الاتصال بالقاهرة أو الاسكندرية ...وهذا يعنى ان تذهب للسنترال فى ساعة مبكرة من اليوم وتمضى اربعة ساعات تنتظر فى توتر بينما الصوت الهادر الحكومى من ان الى اخر عبر مكبر الصوت  45567 مصر كبينة 80 ...فترى أحد الجالسين يهرع كالملسوع نحو كبينة 80 ..ويبدأ فى الصراخ بينما كل الجالسين يسمعون تفاصيل ما يقال ...عشرة ثوان ثم تنقطع المكالمة فيخرج خائب الامل ليجلس بإنتظار محاولة اخرى  
ورغم ذلك تسمع عبارة كبار السن المعتادة ...كانت الحياة أبسط وامتع برغم كل شىء ....كنا نخلق المرح 
والسعادة من ابسط الاشياء
فطفل اليوم يملك التليفون الذكى والقنوات الفضائية المهولة ..واجهزة البلاى استيشن ...لكنه بالتأكيد ليس سعيدًا 
بالمقارنة بأطفال السبعينيات الذين كانوا يقصون الطائرات من ورق الجرائد ...ويصنعون زينة رمضان من اوراق الكراريس ....واللعب بالبلى ولعبة (الكبة ) والسيجه  ولعبة( الأولي المرسومه على الارض) للفتيات وغيرها من الالعاب الشعبية التى تحمل أجمل الذكريات 
كنت ترى امام كل مدرسة الرجل العجوز الطيب الذى يبيع الدوم والحرنكش واللب السورى ...هذا الرجل الذى يعرف بدقة تامة موعد الانصراف ليهرع بعربته الى المدرسة ويبيع لك اشياء كانت فى نظرك جميلة ورائعة 
اين ذهب جيل الامهات والخالات والجارات اللاتى يعرفن كل شىء...كيف يذوبن السمن لإعداد "المورتة " الشهية ..وتقدر كل واحدة منهن على ذبح وتنظيف خمسة دجاجات 
هؤلاء النساء يعرفن كيف يدمسن الفول ومتى تضاف معلقة سكر فى لحظة استراتيجية  معينة تضمن له النضج 
اين هؤلاء الاباء الغارقون بالعرق الذين يعودون من العمل ظهرًا ومعهم بطيخه وجريدة ..يتوارى الصبية ذعرًا فى غرفهم لأن هذا هو وقت تنفيذ الأم لتهديدها المخيف "حقول لأبوك اما يجى " الاب الذى يشرف بنفسه على ذبح البطيخه حتى يتأكد بنفسه من ان البائع لم يخدعه ....يجلس ليلتهم الغداء فى نهم ويليه كمية هائلة من البطيخ ...ثم يدخل لينام وقت العصر...وعندما يصحوا عند المغرب لن يذهب لأى عمل لأن الراتب يكفيه ....بل يجلس بسروال البيجامة الكستور فى الشرفة نصف المظلمة يشرب الشاى بالنعناع ويشغل محطة الراديو على اغانى ام كلثوم ومن مكانه يدير شئون الاسرة ..ويصدر تعليماته ...كان من الهيبة ما يجعل الكل يطيعه ...هذا الاب الذى يستطيع ان يصلح كل شىء ...الصنابير وتغير فتيل المنصهر واصلاح لعبة الولد الزنبركية 
الزمن يتطور ....وهناك انماطًا من البشر يؤلمنى بشدة ان نفقدها ...والاقسى من هذا ان تقابل شبابًا لم يلتقوا بهذه الانماط الرائعة 
ان انقراض هذه النوعية من البشر هو اخطر من انقراض الباندا او اى نوع نادر من على وجه الارض 
ان من الخسارة ان ينقرض هذا النوع من البشر

قهوة باليورانيوم /خالد توفيق


  
 

تان تان

 تان تان هى  مجلة بلجيكية وبطل المجلة الذى اعطاها اسمه هو الصحفى الشاب "تان تان " ورسامون تان تان مولعون بالتحدى وركوب الصعب فلا يوجد مليمتر واحد من الصفحة بلا زخرفة معقدة جدا ...وكانت قصص تان تان عالية المستوى وسيناريوهاتها ناضجة جداً زاخرة بالمحتوى الإنسانى فهناك رسمة تري الطائرة تحلق فوق رأس تان تان قادمة ثم تغيب فى لقطتين تعادلان فلم سينمائى ...قارن هذا المستوى من الرسم والسيناريو بالإبطال الأمريكيين الشبيهين بالثيران بثيابهم المطاطة وعضلاتهم المبالغ فيها ...عندها تكتشف ان هناك فارق فى مستوى الكوميكس الامريكى والاوربى ...الامريكان محترفون ويعرفون ما يجلب لب القارئ ...لكن الاوروبين يعملون بحب شديد ودقة ....فهم يعيشون داخل المجلة وكائنهم ابطالها ...ويذكر كاتب المقال قصة لا ينساها ...كانت رحلة تان تان مع ابيه فى غابات الامازون ...وعندما شاهد تان تان الحيوانات وادرك العلاقات الاسرية بينهم ....شعر تان تان بحب غريب لهم ....فهم يعيشون كأسرة بينها الحب والمرح ....هل هذه قصة اطفال ؟ام هى عمل من روائع الادب العالمى ,,,,ثم جاء اليوم المفجع الذى اعلنت فيه المجلة انها ستتوقف لقد انتهى ضخ الاحلام لإن السوق العربية قد اغلقت بعد "كمب ديفيد " توقفت فترة ليست بالقصيرة ...ثم ظهرت فى محاولة خجولة بلا الوان وبسعر فادح لا يمكن تصديه ...ثم توقفت نهائيا .........لقد كانت تان تان نافذة فتحت لنطل منها على ما يفكر فيه العالم ....ثم غزت الثقافة الامريكية عقول الشباب والاطفال ليظهر لنا الرجل الوطواط وسلاحف النينجا وكل العنف والتشويق الزائف الذى ادمنه الاطفال ..والذى يهدف الى تخليد وتمجيد العنف الامريكى وتبريره بأنه لمحاربة الشر 

من مقالات احمد خالد توفيق

 

اصل حكاية بهية

 

وعيونك يا صبية بالحزن مليانين .... كل عشاق الهوى ظالمين بهية ...ظلموا البنية

اغنية بهية والتى أصبحت جزء من تراثنا الشعبى ....والتى اعتبرها البعض هى رمز لمصر

من البداية لابد لنا ان نعلم ان قصة بهية قصة حقيقية .....وقصة بهية تناولها الكثيرون من  ارباب سرد القصص الشعبية على القهاوى المصرية ممن يتغنون بالربابة ...وعند ذكر اسم بهية لابد لنا من ذكر اسم ياسين ...وياسين اظهرته الحكايات الشعبية على انه بطل مثل سيرة الهلالى  ممن يقاومون الظلم وينصرون البؤساء ....وقتل على يد العساكر السودانية ...

ولكن الحقيقة خلاف ذلك فياسين لم يكن سوى مجرم سفاح يحترف مهنة القتل بالأجر وكانت قصته ما بين 1925 الى1940 ويعتبر ياسين اعنف مجرم مشى على ارض مصر فى هذا الزمن ....وكان نشاطه الإجرامى يشمل قنا واسوان .....احب ياسين فتاة من قرى الصعيد ...جميلة سمراء لها عيون سوداء رائعة فقد كانت جميلة القسمات ورائعة القوام هذه الفتاة اسمها بهية ...احبها الكثير من اهل القرية ...ولكن ياسين فرض سطوته على اهلها وعليها وتزوجها رغمًا عن اهلها وعنها واجبرت على العيش معه ..محبوسه فى الجبل ....لم يستطيع احد ان يقف فى وجه ياسين فتركوا الفتاة له ...عاشت ميته كانت ترى كل يوم الدماء والقتل ...كانت تخشاه وتمقته .....وفى احد الايام ذهب اللواء محمد صالح حرب قائد القوات المسلحة فى الفترة من 1939 حتى 1940 لتأمين حدود مصر الجنوبية ...وكان من ضمن فريقه الضابط الشاب صالح الذى كان يحرس قطيع الجمال والهجانه عند اسوان .....ابلغه احد الجنود انه رأى حركة غير معتاده عند احد الجبال ....فقد وجد رجال في ايديهم اسلحة ...فلما ذهب يستطلع الخبر فوجئ بوابل من الرصاص ينهمر عليه من داخل المغارة ...فأدرك ان القدر وضعه وجهًا لوجه امام المجرم ياسين ...وانه لن يخرج من الجبل كما دخله ...سيخرج اما قاتلاً او قتيلاً ....وخطرت للضابط الشاب فكرة جريئة فأستدار نحو قمة التل الذى يعلو فتحة المغارة واسقط حبلاً تدل من حزمة بوص مشتعل وحملت الرياح الدخان الى داخل المغارة فإضطر ياسين الى الخروج بعد ان شعر بالإختناق ...ودارت المعركة حامية بين الطرفين فإستقرت رصاصة فى قلب ياسين   وقتل فى الحال ....هرب من هرب من الرجال وقبض على الباقى

وعندما دخل الضابط وجنوده الى المغارة فوجئوا بإمرأة جميلة مازالت فى ريعان الشباب سمراء وعيونها تبارك الله فيما خلق ...وكانت تبكى بشكل هستيرى ومعها رضيع صغير ...وعندما علمت بمقتل ياسين اندفعت تقول فى حماس الحمد الله ...الان انا حرة ...انا حرة ....هذه بركة دعائى ....انا حرة ...حرة

وعلم الضابط ان هذه المرأة بهية ...زوجة ياسين ..التى كانت تعيش معه ...تعيش فى خوف وفزع وبلاء ....لم تحبه يوما او لحظة ولكنها اجبرت على العيش معه ...اخذ الناس يحكون عن بهية ...الفتاة الجميلة التى كل ذنبها انها جميلة وراقت فى عين ياسين ......وبعد ذلك اتخذ الادباء اسم بهية رمز ل"مصر " المقهورة التى عاشت رغمًا عنها تحت الاحتلال "ياسين " ثم انتقلت الى الحرية بعد مقتله بفضل جنود مصر المخلصين



الطبيعة والتنشئة

 

الطبيعة ام التنشئة

ايهما يلعب دورا اكبر فى تحديد سمات الكائن الحى وخصائصة الجينات التى يرثها من والديه أم السمات التى يتعلمها وتتراكم لديه من خلال تأثيرات البيئة وخبراته الحياتية ..يعرف ذلك باسم جدل "الطبيعة أم التنشئة " يكمن مفتاح الإجابة عن هذا السؤال فيما يسمى " دراسات التوائم "...وفيما يبحث العلماء فى السمات التى تظهر التوائم المتطابقة التى عايشت خبرات حياتية مختلفة نظريا ...اى اختلافات بينهم لابد ان يرجع الى التنشئة وليس الطبيعة ...ومعظم دراسات التوام التى اجريت حتى الان لم تظهر   اى من الطبيعة او التنشئة هى العامل الوحيد ...بل جزء من كليهما وبينما يظهر بوضوح ان بعض السمات تتأثربالطبيعة بشكل كامل – مثل لون العينين ..كما يظهر واضحا ايضا ان هناك صفات اخرى اكثر انفتاحا للتأثير بالتنشئة مثل القوة العضلية والمخاوف المرضية وحتى الروح المرحة تقع ضمن فكرة الطبيعة ام التنشئة ....وهذا الجدل كان من شأنه ظهور علم جديد اطلق عليه علم ما فوق الوراثة ....وعلم ما فوق الوراثة هو مصطلح يستخدمه علماء الأحياء ليشيروا الى الأمثلة التى يلاحظ فيها سمات للكائن الحى وخصائص لا يمكن ان تكون أخذت فى الاعتبار فى الجينات المكتوبة الخاصة بها ...ويعتقد أن ظاهرة ما فوق الوراثة سببها تغيرات فى الالية الحيوية المسئولة عن التعبير الجينى ....اى ان الجينات اكتسبت صفات جديدة غير خلقية اثناء حياتها ....كما ادى ذلك الى ظهور ما يسمى الجين الأنانى ....والمقصود به المنافسة على السيطرة بين جيناتنا ....فالانتخاب الطبيعى يفضل الجينات التى ينتج عنها سلوكيات وسمات جسدية تنقل هذه الجينات بأكبر كفاءة وبهذه الطريقة تعمل الكائنات الحية بكفاءة كقوارب نجاة لجيناتها ....اى ان هناك جينات تطغى على جينات بل وتسيطر عليها فتجد مثلاً ملامح معينة تغطى على اسرة ما مهما حاولت هذه الاسرة ان تتزاوج من الخارج تجدها تحتفظ بملامحها ...وليست الملامح فقط بل تجد ايضأ بعض السلوك المكتسب داخل الاسرة الواحدة



100 فكرة عن العلوم / بول بريسون / المجموعة العربية للنشر والتوزيع 2019